ـ موقف عبد الله بن أُنَيْس :
عبد الله بن أُنَيْس صحابي جليل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه رسول الله ذات يوم ، فقال له : إنه قد بلغني أن خالد بن سفيان بن نُبَج الهذليّ يجمع لي الناس ليغزوني وهو بعُرَنة وعرنة موضع عند الموقف بعرفات ، فأته فاقتله ، قال : قلت يا رسول الله انْعَتْهُ لي حتى أعرفه ، قال : إذا رأيته وجدت له قشعريرة . قال : فخرجت متوحشاً سيفي حتى وقعت عليه وهو بعرنة مع ظعن أي نسوة يرتاد لهن منزلاً حين وقت العصر ، فلما رأيته وجدت ما وصف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من القشعريرة ، فأقبلت نحوه وخشيت أن يكون بيني وبينه مجادلة تشغلني عن الصلاة ، فصليت وأنا أمشي نحوه أومىء برأس للركوع والسجود .
فلما انتهيت إليه قال : من الرجل؟ قلت : رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لذلك ، قال : أجل ، أنا في ذلك . قال : فمشيت معه حتى إذا أمكنني حملت عليه السيف حتى قتلته ، ثم خرجت وتركت ظعائنه مُكِبّاتٍ عليه فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني قال : (( أفلح الوجه )) ، قال : قلت : قتلته يا رسول الله ، قال : (( صدقت )) ، قال : ثم قام معي رسول الله صلى الله عليه وسلم : فدخل في بيته فأعطاني عصا ، فقال : (( أمسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس )) .
فخرجت بها على الناس ، فقالوا : ما هذه العصا؟ قلت : أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني أن أمسكها ، قالوا : أو لا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله عن ذلك .
قال : فرجعت إلى رسول الله فقلت : يا رسول الله لم أعطيتني هذه العصا؟ قال : (( آية بيني وبينك إلى يوم القيامة ، إنَّ أقلَّ الناس المتخصرون يومئذ )) أي الذين يتكئون على عصا أو عكازة أو قضيب . قال : فقرنها عبد الله بسيفه فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فضمت في كفنه ، ثم دُفنا جميعاً