صلى الله على نبينا وصدق عندما قال (صنائع المعروف تقى مصارع السوء وصدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد العمر )
جلس فتيان العرب فى الكعبة يتناقشون وقد علت اصواتهم على الناس
فقال احدهم سعيد ابن سعد ابن عبادة هو اجود الناس
وقال اخر :بل عبدالله ابن جعفر وقال ثالث : بل هو عرابة الاوسى اجود الناس
فقال : احد الشيوخ الجالسين ولما كل هذه الجلبة فلتبعثوا لكل منهم سائلا وانظروا ما جوابهم
فبعثوا بثلاثة نفر .. فذهب رجل الى عبد الله ابن جعفر ابن ابى طالب
فلما ذهب اليه قال : يابن بنت رسول الله سائل انقطع به الطريق وكان عبد الله ابن جعفر ذاهب للصيد ويمطتى جواده
احدى قدميه على الجواد والاخر على الارض فنزع قدمه وقال: تعال يا اخى ضع رجلك فى الركاب وأمتطى الجواد وهذه حقيبة فيها اربعة الف دينار وفيها أربعة أثواب
وأعز ما فيها سيف لعلى ابن ابى طالب خذها ولا تتصرف فيها وأعطى له الخيل ومضى عبد الله لبيته
فرجع الرجل لفتيان قريش واخذ يحدثهم بما جرى

ثم جاء الرجل الذى ذهب الى سعيد ابن عبادة قالوا له : ماذا صنع بك إبن عباده ؟
قال : طرقت بابه فخرجت جارية ... وقالت : ماذا تريد؟... قال بن عبادة .. فقالت : ولما ؟ قال : إبن سبيل منقطع
فقالت : حاجتك أهون من ايقاظه ووالله لا يملك سيدى من المال إلا كيس به سبعمائة دينار
فخذه وأنصرف واذهب الى معاطل الإبل فخذ لك واحدة وأختر لها خادما وخذ لها علفا وأمضى الى سبيلك
فمضى الرجل
فلما استيقظ ابن عبادة قالت له : سيدى لن تجد مالك فلقد فعلت كذا وكذا وكذا
فقال لها : افعلتى ذلك وأنا نائم ؟ قالت : نعم ... فقال لها ابن عبادة : اذهبى فانتى حرة

وأما عرابة فكان مشهورا بالجود والكرم وخزائنه الملئانة حتى قال احد الشعراء فيه
اذا ما راية رفعت لمجد **** تلقاها عرابة باليمين
ولكن فى اواخر حياته كان قد كف بصره وانقطعت به الدنيا
فذهب اليه السائل وقال : يا عرابة
وكان عرابة يمشى بين عبدين يتسند عليهم ذاهبا للمسجد
فقال عرابة : من ؟ فقال الرجل : ابن سبيل منقطع
فصرخ عرابة : ويحا عرابة لم تبقى له حقوق الناس عنده شيئا وأنسلخ من العبدين وقال خذ هذين العبدين
فقال الرجل : أأخلى بينك وبين عكازك فى الطريق
فقال عرابة إن لم تأخذهما فهما حران ومضى يتحسس قارعة الطريق
فلما سمعوا فتيان قريش هذا الحديث قالوا : كلهم جواد ولكن عرابة أجودهم جميعا
لأنه جاد عن حاجة
فتجد الحق تبارك وتعالى يجسد لنا امثال عرابة فى كتابه قائلا ( يؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصا )
وطالما هذا القرأن باقيا بقاء الدنيا فلزاما ان نجد من هم امثال عرابة
وليس الجود بالمال وحسب بل اعظم الجود وخاصة فى زممنا هذا هو الجود بالكلمة وما اعظمها من جود عندما تجود بكلمة طيبة لشخص ما فقد يقدرها ويعظمها اكثر من المال
ولذلك تجد الشاعر يقول
لاخيل عندك تهديها ولا مال ***** فلتسعد النطق ان لم تسعد الحال

وفى الختام لا اجد غير السلام
وللمعانى
ب
ق
ي
ة