لو تأملنا قليلاً بحياة الإنسان لوجدناها عبارة عن مواسم سنوية لا تكاد تنقطع من أداء نوعٍ من أنواع العبادات التي تمثل له منهج حياةٍ متكامل، فهو مكلَّفٌ مثلاً بالصلاة في أوقاتٍ محدَّدة، ومكلفٌ بصيام رمضان كل عام وما إن ينتهي حتى تُوهب له فرصة اغتنام الثواب بصيام ستة أيامٍ من شوال، وهناك صيام يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع ، وصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهر ، ثم تأتي العشر الأوائل من ذي الحجة والتي امتازت بخصائص عظيمة مما جعل للعمل الصالح فيها ثواباً كبيراً عند الله تعالى، وذلك مما سنذكره في الحوار التالي:

ليالٍ تفوق الجهادَ
يقول أ. حمدان شراب مساعد مفتي محافظة خانيونس:"إنَّ العبادة في تلك الأيام العشر من ذي الحجة مباركةٌ بل وأفضل من غيرها، لدرجة أنها أفضل من الجهاد"، مدلِّلاً على ذلك بقول رسول الله عليه الصلاة والسلام : " ما من أيام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ، قالوا : يا رسول الله ، ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء".

يقول رسول الله: ما من أيام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ ( العشر الأوائل من ذي الحجة)، قالوا : يا رسول الله ، ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء
ويضيف:"لقد وردت الإشارة إلى فضل تلك الأيام العشر في بعض آيات القرآن الكريم ، ومنها عندما أقسم الله تعالى بها بقوله : " والفجر، وليالٍ عشر"، كذلك في قوله تعالى: " وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ".

وتفسيراً لهذه الآية فقد أورد ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الأيام المعلومات هي أيام العشر الأوائل من ذي الحجة"، ومن هنا يُمكن القول أن فضل الأيام العشر من شهر ذي الحجة قد جاء صريحاً في القرآن الكريم لعظم قدرها وشرف منزلتها.

أيام مباركة
وللأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة خصائص كثيرة يذكرها أ. شراب في قوله:" إن فيها "يوم عرفة"، وهو يومٌ عظيم ومفخرةٌ للإسلام ، ما له من فضائل عظيمة إذ فيه تُغفَر الذنوب، إذ إن لصيام يوم عرفة فضل خاص لقول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام

عندما سئل عن صيام يوم عرفة : "يكفر السنة الماضية والسنة القابلة"، وهذا لغير الحاج ، أما الحاج فلا يسن له فيه صيام".

ويواصل:"كذلك فإن في تلك الأيام العشر "فريضة الحج" التي هي الركن الخامس من أركان الإسلام، وفيها استعدادٌ للأضاحي، إذ يمسك المضحِّي عن شعره وأظفاره لقول رسول الله عليه الصلاة والسلام:" من أراد أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره"، أما الزوجة والأولاد فليس عليهم أن يأخذوا من أشعارهم وأظفارهم، فعندما يذبح القُربان من الغنم أو البقر أو الإبل ، ثم يؤكل من أُضحيته ويُهدي ويتصدق، فإن في ذلك كثيراً من معاني البذل والتضحية والفداء ، والاقتداء بهدي النبي المبارك".

أما عن "يوم النحر"، وهو العاشر من ذي الحجة فقد أوضح شراب أنه من أعظم أيام الدُنيا كما روي عن عبد الله بن قُرْط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يومُ النحر ، ثم يوم القَرِّ ".

متمماً:" إنها أفضل من الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، لما أورده شيخ الإسلام ابن تيمية وقد سئل عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل ؟ فأجاب : " أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان ، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة "".

أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان ، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة
ابن تيمية

كما وتعدُّ هذه الأيام المباركات مناسبةً سنويةً مُتكررة تجتمع فيها أُمهات العبادات كما أشار إلى ذلك ابن حجر بقوله : " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أُمهات العبادة فيه ، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره ".

عبادات مشروعة
مما لاشك فيه أن عبادة الله تعالى والتقرب إليه بالطاعات من الأمور الواجبة على الإنسان المسلم في كل وقتٍ وحين، إلا أنها تتأكد في بعض الأوقات والمناسبات التي منها هذه الأيام العشرة من شهر ذي الحجة ، حيث أشارت بعض آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية إلى بعض تلك العبادات على سبيل الاستحباب .

وفي هذا الشأن يوضح شراب:" ضرورة الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى ودعائه وتلاوة القرآن الكريم لقوله تبارك و تعالى:"ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التكبير ، والتهليل ، والتحميد".

ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام العشر الأوائل من ذي الحجة، فأكثروا فيهن من التكبير، والتهليل، والتحميد، ويستحب ترفع الأصوات بالتكبير وذكر الله في الأسواق والطرقات للرجال ما دون النساء فإنهم يسمع أنفسهم فقط
وهنا تجدر الإشارة إلى أن بعض السلف كانوا يخرجون إلى الأسواق في هذه الأيام العشر ، فيُكبرون ويُكبر الناس بتكبيرهم ، ومما يُستحب أن ترتفع الأصوات به التكبير وذكر الله تعالى سواءً عقب الصلوات ، أو في الأسواق والمنازل والطرقات ونحوها، إلا النساء فإنها لا ترفع بصوتها بل تُسمِع نفسها حسب قول شراب.

وأوضح أن الإكثار من الدعاء الصالح في هذه الأيام أمرٌ مستحبٌّ اغتناماً لفضيلتها ، وطمعاً في تحقق الإجابة فيها، إلى جانب النوافل والصيام لكونه من أفضل العبادات، ولما روي عن صيام النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام المُباركة ؛ فقد روي عن هُنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسعَ ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيامٍ من كُلِ شهر ، أول اثنين من الشهر والخميس ".

وأخيراً فالأصل أن يغتنم المسلمون تلك الأيام في أن يكونوا إخوةً متحابين فيتصالحوا مع الله وأنفسهم وأرحامهم وكل المسلمين

يارب ياقمر وكل سنة وانتي طيبة

مجهود رائع ياامانى انا كنت بحضر للموضوع ده بس الظروف باه

وطبعا انا وانتى واحد مفيش فرق

تسلم ايدك وان شاء الله فى ميزان حسناتك