الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً ،يثبت بمنه وفضله على القليل كثيراً ،
والصلاة والسلام على من بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اسال الله ان يجمعنى واياكم وجميع المسلمين مع سيد الاولين والاخرين
فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر انه ولى ذلك والقادر عليه
امـــــا بــــعــــد :
فمرحبـا أحبائي في الله
الايـــمـــآنـــ و الـــــعــــــمـــــــل الـــــصـــــآلـــــــحـــ
ان الايمان : نور رباني ، وضوء يشع في جنبات القلوب : فيحيي مواتها ، ويجدد عزيمتها ، ويمدهـا بطاقة من الحيوية و القوة ويفيض عليها حب الله ، وحب رسول - صلي الله عليه و سلم - و الجهاد في سبيله والتمسك بدينه.
قال الله تعالي :
۞ أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ۞ (الأنعام -122 )
وقال جل شـأنهـ :
۞ قُلْ إِنِ كَانَ ءَابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَنُكُمْ وَأَزْوَجُكُمْ وَعَشِيْرَتُكُمْ وَأَمْوَلٌ اقْتَرَفْتُمُوْهَا وَتِجَـٰرَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ الَيْكُمْ مِنَ الْلَّهِ وَرَسُوْلِهِ وَجِهَادٍ فِيْ سَبِيِلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىَ يَأْتِيَ الْلَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِيَ الْقَوْمَ الْفَسِقِينَ ۞ ( التوبة - 24 )
ان جوهر الايمان هو معرفة صادقة ، واقتناع خاشع يتخلل كيان الانسان و يستقر في وجدانه ، ليصير قوة دافعة الي الاستقامة ، والعمل الصالح ، وطاقة هائلة تنظمها ادارة خيرة ، وبصيرة نيرة ، وعقل مستنير ،
۩ روي الأمام مسلم عن سفيان بن عبد الله - رضي الله عنه - أنه قال : قلت : يا رسول الله ، قل لي في الاسلام قولا ، لا أسال عنه أحد غيركـ ، قال : قل آمنت بالله ثمـ استقم ۩
وعندئذٍ تكون النفس مؤمنة مستعدة ، لتحمل المسئوليات و التضحيات تجتاز بنجاح الكثير من الاختبارات والامتحانات
قال الله تعالي :
۞ الْمَ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ۞ ( العنكبوت - 1:3 )
وعلي قدر قوة ايمان المرء يكون ثباته أمام الصعاب وتغلبه علي الشدائد و العقبات ،
قال الله تعالي :
۞ قُلْ لَّنَ يُصِيْبَنَا اِلا مَا كَتَبَ الْلَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَنَا وَعَلَيْ الْلَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُوْنَ ۞ ( التوبة - 51 )
↨ وفد قوم علي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقال لهم : ما أنتم ؟ قالوا : مؤمنون ، قال : ان لكل قول حقيقة ، فما حقيقة قولكم و ايمانكم ؟ قالوا : الشكر عند الرخاء ، والصبر عند البلاء ، والرضا بمر القضاء ، والصدق في مواطن اللقاء ، وترك الشماتة بالأعداء ، فقال : حكماء .. علماء .. كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء ↨
الايمان : هو ما وقر في القلب ، وصدقه العمل ، وهو تعريف جامع لمعاني الايمان بأنه قول و عمل و اعتقاد .
۩ وعن عمر بن عتبة - رضي الله عنه - قال : جاء رجل الي النبي - صلي الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ما الأسلام ؟ قال : أن تسلم قلبك لله ، وأن يسلم المسلمون من لسانك و يدك ، قال : فأي الاسلام أفضل ؟ قال : الايمان ، قال وما الأيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله وملائكته و كتبه ورسله و البعث بعد الموت ، قال : فأي الأعمال أفضل ؟ قال : الهجرة ، قال فما الهجرة ؟ قال : أن تهجر السوء ، قال : فأي الهجرة أفضل ؟ قال : .. الجهاد ۩
ان الايمان أشبه ما يكون بشجرة كبيرة مباركة ، أصلها ثابت ، وفروعها في السماء ، جذور هذه الشجرة و أصولها الضاربة في باطن الأرض والتي تعطيها النماء و القوة و الحيوية هي العلم و البحث و النظر و التأمل و التفكر ،
۩ روي في الصحيح أن بلالا - رضي الله عنه - جاء يؤذن النبي - صلي الله عليه وسلم - بصلاة الصبح فوجده يبكي ، فسأله عن سبب بكائه . فقال : وما يمنعني أن أبكي ، وقد أنزل الله عليّ في هذه الليلة قوله :
۞ انْ فِيْ خُلُقٍ الْسَمَوَتِ وَ الأَرْضِ وَاخْتُلِفَ الَّيْلِ وَ الْنَّهَارِ لايَتٍ لأُوْلِي الأَلْبَبِ ، الَّذِيْنَ يَذْكُرُوْنَ الْلَّهَ قِيَمَا وَ قُعُوْدا وَعَلَيْ جُنُوْبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُوْنَ فِيْ خَلْقِ الْسَّمَوَتِ وَالأَرْضَ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَطِلَا سُبْحَنَكَ فَقِنَا عَذَابَ الْنَّار ۞ ِ ( آل عمران - 190:191 )
ثم قال : ويل لمن قرأهـا ولم يتفكر فيها
وقال الله تعالي :
۞ أَفَلَمْ يَنْظُرُوَا الَيَّ الْسَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنِّيِّنْهَا وَزَيَّنَهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوْجٍ ، وَالأَرْضِ مَدَدُنَهَا وَ أَلْقَيْنَا فِيْهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيْهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيْجٍ ، تَبْصِرَةً وَ ذِكْرِيْ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيْبٍ ۞ ( ق - 6:8 )
وثمار هذه الشجرة الطيبة هي العمل الصالح الذي يتمثل في السلوك الحميدة ، واللسان العف ، و القلب النظيف ، والضمير الحي ، والسمعة الطيبة ، والمعاملة الحسنة ، و التعاون علي البر و التقوي ، لا علي الاثم و العدوان ، ان تشبيه الايمان بالشجرة الثابتة الجذور ، الباسقة الفروع ، الدانية الثمرات تنطق به الآية الكريمة :
۞ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ الْلَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَ فَرْعُهَا فِيْ الْسَّمَاءِ ، تُؤْتِيَ أُكُلَهَا كُلَّ حِيْنٍ بِاذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ الْلَّهُ الأَمْثَالَ لِلْنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُوْنَ ۞ ( ابراهيم - 24:25 )