تصرمت الأيام وانقضت الليالي.. ولكن لا يزال الشهر الكريم يلقي ظلاله وتهب نفحات نسماته، فهناك من يصوم ستة أيام من شوال والبعض حافظ على قيام الليل.. وآخرون تعاهدوا صلاة الجماعة.
أما الصالحون والأخيار فإن رب رمضان -عندهم- هو رب الشهور جميعًا.. ما زادهم رحيل رمضان إلا ثبوتًا ورسوخًا في الطاعة وبعدًا عن المعصية.
في أيام العيد الأولى صوبت زوجته سهامًا شتتت ذاكرته ومزقت قلبه.. وأعادته سنوات إلى الوراء.
قالت له: تزوجتك منذ خمس سنوات أو تزيد.. كم سورة من كتاب الله حفظت؟!
بل كم آية حفظت؟!
بهت الرجل وأسقط في يده.. ليس هربًا من الجواب.. ولكن من ندم طرقه وتفريط أرقه!!
استدرك.. نعم خمس سنوات لم أحفظ آية من كتاب الله، بل وأنسيت ما حفظته في السنوات الأولى من عمري..
قالت.. وهي تزيد أمله وحسرته: هناك من أصحاب الهمم العالية والنفوس القوية من حفظ القرآن في سنتين!! بل والبعض في سنة!!
بل هذا أبو عبد الله حفظ كتاب كاملاً في ستة أشهر!!
جددت أحزانه ونكأت جراحه وهي تسترجع تقصيره وتفريطه، وكأنه لا يعرف الله إلا في رمضان!!
بعد صمت الندم.. رفعت صوتها بقوة فيه علامات الفرح.. وهي تناديه:
ولكن بقي في الحياة متسع.. تستطيع أن تدركهم وتقتفي أثرهم..
هب من غفلتك وأرنا همة أبي عبد الله.
أخي المسلم:
يطرح سؤال سهل.. ولكن مع الأسف إجابته محزنة مبكية.
كم آية حفظت من كتاب الله في السنوات الماضية؟!
ما بعد الصوت:
كان الإمام الشافعي يقسم الليل ثلاثة أجزاء، ثلثًا للعلم، وثلثًا للعبادة، وثلثًا للنوم، وكان رحمه الله يختم القرآن في رمضان ستين مرة كل ذلك في الصلاة.