فى هذا المقال اعرض وجهه نظرى الشخصيه قيما يتعلق بالاوضاع الراهنه
وقد وجهت فيه 30 سؤالاً لنظام الطاغية أطالبه فيها بأن «يطلعنا على حقيقة علاقاته مع إسرائيل التى يبدو أنها تعدت حدود العلاقات الطبيعية التى نصت عليها اتفاقية السلام بين البلدين إلى ما هو أبعد وأخطر على أمن مصر القومى الذى يتغنى به طبالو الحكم وزماروه»، من بين ما سألت كان سؤالى «لماذا لم يخرج من أحشاء النظام رجل مثل أردوغان يتصدى للغطرسة الإسرائيلية، وما الذى يكسر عين النظام بالضبط حتى أضحى التخاذل هو عنوان سياسته إزاء إسرائيل؟»..
سألت النظام أيضاً «لماذا سكت على محرقة الرصاص المصبوب على غزة رغم أنه كان على علم مسبق بها ورغم أنها استغرقت 23 يوماً كاملة، ولماذا وفر الأجواء لإسرائيل لمواصلة حملتها على القطاع رغم سقوط المئات من الفلسطينيين ومنع التحرك لصالح الفلسطينيين خلال الحرب؟».
وسألت عن «الحكمة فى ترتيب زيارات نتنياهو فى مواعيد أقل ما يقال فيها إنها تفتقد التقدير السليم، وآخرها الزيارة التى صدمت مشاعر المصريين عندما تناول الإفطار على مائدة الرئيس فى رمضان، وهل حقاً أصبح نتنياهو مرغوباً لديكم إلى هذا الحد، فى حين أن المواطن البريطانى الشريف عضو مجلس العموم جورج جالاوى الذى جاب العالم كله لنصرة قضايانا طريد جنتكم؟»..
من بين الأسئلة أيضاً كان السؤال «لماذا تسكت مصر - دعك من الجامعة العربية وأعضائها - عن ملاحقة قادة الحرب الإسرائيليين، فى حين أنهم يلاحقون فى بلدان أجنبية آخرها بريطانيا؟».. وسألت «كيف يفتقد النظام الحنكة والمنطق إلى الحد الذى يعلن فيه على الناس أن رئيسنا طالب نتنياهو برفع الحصار عن غزة والحد من معاناة الفلسطينيين فى الوقت الذى تقيم فيه مصر جدار العار الفولاذى لمحاصرة القطاع وتعرقل قوافل الإغاثة، ويصرح وزير خارجيتها أبوالغيط بأنه سيكسر أرجل الفلسطينيين؟»، وطرحت سؤالاً آخر عن السبب الذى من أجله «سمح النظام بإقامة مولد أبوحصيرة فى محافظة البحيرة بعد أن صدر حكم نهائى بإلغائه، وبعد أن صرح المحافظ بأنه لن تقام احتفالات بالمولد هذا العام؟».
من بين ما تضمنه المقال كذلك سؤال عن الحكمة فى «السماح لـ17 أسرة إسرائيلية بزيارة خليج السويس لإحياء ذكرى قتلاها فى حرب الاستنزاف، فى حين أن شهداءنا الأسرى الذين قتلتهم إسرائيل لا نستطيع أن نقتفى لهم أثراً أو أن نحيى ذكراهم فى مواقع استشهادهم؟».. وسؤال آخر: «لماذا يبالغ النظام فى العنت بإغلاقه شبه الدائم لمعبر رفح بدعوى احترامه الاتفاق الدولى لتنظيم العبور فى المعابر المؤدية لقطاع غزة، فى حين أن مصر ليست طرفاً فى هذا الاتفاق، ومع أن مدته عام واحد فقط انتهى فى نوفمبر 2005؟»..
سألت أيضاً: «لماذا لا ينتهز النظام فى مصر الضغط المستمر من جانب إسرائيل وأمريكا لإيقاف أنفاق التهريب على الحدود المصرية مع غزة، وينتهز الغضب الشعبى على حصار القطاع ليطلب من إسرائيل تعديل اتفاقية السلام بحيث يسمح لعدد أكبر من الجنود المصريين بالدخول إلى سيناء مسلحين بتسليح أكثر تقدماً، وبذلك نحقق قدراً أكبر من السيادة على أراضينا وقدراً أكبر من حماية الأمن القومى الذى نتباكى عليه، ونتمكن أيضاً من مكافحة التهريب الذى يتم من خلال الأنفاق على نحو يمكن أن نتفادى معه إقامة الجدار الذى جلب على مصر العار؟».. وسألت كذلك عن «ماهية طبخة السلام فى الشرق الأوسط التى يشارك النظام فى طهيها مع طباخى أمريكا وإسرائيل بمساعدة سفرجية دول الاعتدال العربية، وما هو دور مصر فيها، وما التزاماتها تجاهها؟».
لكن الأهم بين الأسئلة، لارتباطه الوثيق بالمشهد فى سيناء اليوم، كان السؤال الذى أنقله بنصه عن ضحايانا الذين راحوا على يد الإسرائيليين على الحدود.. سألت «لماذا مرت حوادث استشهادهم فى تكتم؟ لماذا لم نغضب؟ ولماذا لم نطلب من إسرائيل التحقيق فى إصابة مجند مصرى بطلق نارى إسرائيلى على الحدود فى 9/5/2001، ومقتل جندى مصرى على الحدود فى 30/6/2001، وإصابة رائد شرطة مصرى أثناء دورية على الحدود فى 5/11/2001، ومقتل 3 جنود مصريين بقذيفة دبابة إسرائيلية فى 18/9/2004، ومقتل ضابط مصرى زعمت إسرائيل أنه دخل أراضيها فى 9/7/2008، ومقتل مجند مصرى فى 1/5/2009، وإصابة جندى مصرى برصاص إسرائيلى قرب مدينة إيلات فى 17/8/2009، ومقتل جندى مصرى فى 2/9/2009..
هذا عن العسكريين.. وفيما يتعلق بالمدنيين الذين قتلتهم أو أصابتهم إسرائيل على حدودها مع مصر، لماذا لم نطلب التحقيق فى إصابة مزارع مصرى وعمته قرب بوابة صلاح الدين فى 12/11/2000، وإصابة سيدة مصرية بطلق نارى أثناء وجودها فى منزلها قرب الحدود فى 15/4/2001، ومقتل شاب مصرى قرب بوابة صلاح الدين فى 30/4/2001، وإصابة مواطن مصرى أثناء وجوده فى منزله فى رفح فى 30/5/2001، وإصابة شاب مصرى بطلق نارى فى 23/12/2001، ومقتل مصريين فى اشتباك مع دورية إسرائيلية فى 2/6/2006، جاء أولمرت بعده بيومين للقاء الرئيس مبارك فى شرم الشيخ (ولم ينشر شىء عن تفاصيل اللقاء)، وقتل مواطن مصرى فى 27/1/2008، وقتل طفلة مصرية قرب معبر كرم أبوسالم فى 27/2/2008، وقتل مواطن مصرى قرب نفس المعبر أيضاً فى 21/5/2008؟».. انتهى النص.
لا يتحمل عصر مبارك وزر كل هذا الامتهان لمصر فحسب، إذ إن الجريمة هنا ليست هى ترك الإسرائيليين يبرطعون فى سيناء كيفما شاءوا ويقتلون ويصيبون أبناءها دون رد، لكن الجريمة الحقيقية هى التفريط فى سيناء ليس فقط بالتغاضى عن فرض السيادة المصرية كاملة غير منقوصة عليها، ولكن أيضاً بالتراخى فى وضع وتنفيذ خطة إنمائية لتعمير سيناء بحيث تصبح بالفعل جزءاً لا يتجزأ من نسيج الدولة وليس منطقة ذات وضع خاص وبراحاً من الأرض بآلاف الكيلومترات يثير شهية إسرائيل للانقضاض وشهية أمريكا لملء الفراغ، وهو وضع لا يمكن تغييره سوى بإعادة النظر فى اتفاقية السلام بحيث لا نستأذن إسرائيل كلما أردنا دفع قوات إضافية إلى سيناء لتعزيز الأمن أو مقاومة الإرهاب والتهريب.
لكن الذى كان يحدث عادة فى عهد الطاغية أنه إذا ما أثار أحد ضرورة إعادة النظر فى الاتفاقية يخرج له كتبة وباشكتبة القصر ومفكروه الاستراتيجيون الذين كانوا يقودون علانية سياسة التطبيع لتحذيرنا من أن الاتفاقية نص مقدس لا يمس، وأن الذين يطالبون بتعديلها يريدون أن يدفعوا مصر إلى أتون الحرب..
الآن تطل علينا وجوه مقيتة من فلول هذا الماضى تنفث سمومها بعد أن علبتها فى عبوة جديدة.. يقول محمد بسيونى، سفير مصر السابق فى إسرائيل، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشورى المنحل، فى تصريح منشور إن إسرائيل لم تخرق الاتفاقية، إذ إنها استجابت لطلبنا الاعتذار، واستجابت لطلبنا تشكيل لجنة تحقيق مشتركة، ولذلك «يجب قبل أن نقطع العلاقات أن نرى المزايا التى حصلت عليها مصر من خلال الاتفاقية الجيدة (!) مع إسرائيل».
آخرون من أيتام مبارك خرجوا كعادتهم إلى ميدان مصطفى محمود يوم السبت، لا ليهتفوا بشعارهم الخايب «فوقوا يا مصريين ده حسنى مش فاروق»، لكنهم لبسوا هذه المرة لبوس الثوار وحرقوا علم إسرائيل، وصاح منسقهم صيحة لابد أن مفاصل إسرائيل ارتعدت لها «دماء الشهداء لن تضيع هدراً».
برافو.. لكن المدهش هنا أننا لم نسمع صيحتهم هذه أيام مبارك، والأكثر إثارة للدهشة أن السلطة لاتزال تسمح لجرذان الطاغية بالتجمع بين حين وآخر فى ميدان مصطفى محمود وغيره لمناورة الثورة.. أى ثورة هذه التى تسمح لصوت أعدائها أن يعلو فى قلب عاصمتها؟ أى ثورة هذه التى تسمح لعضو برلمان الطاغية وأمثاله أن يتكلموا وأن يتصدروا وسائل الإعلام؟